زيارة البابا للعراق الدلالات والنتائج

by vaughn_admin  //  

March 28, 2021

The first-ever Papal visit to Iraq on March 5-8, 2021 was largely met with celebration as he pursued a mission of solidarity with persecuted Christians and other minorities and sought to elevate a mission of tolerance and coexistence among Christians and Muslims in Iraq, the Middle East and around the globe. The trip was replete with symbolism from the historic meeting with Grand Ayatollah Ali al-Sistani, to an interfaith gathering in Ur, and prayer services amongst the ruins of Mosul, with the reviving community of Qaraqosh, a celebration of mass in Erbil, and high-level delegations in Baghdad and Erbil, and overwhelmingly positive receptions by crowds along the way.

Yet for the celebrations to translate into meaningful changes will require far more than symbolic gestures. The security situation remains fraught, justice for genocide survivors has been limited, meaningful political representation for all Iraqis is still in question, and the unequal economic opportunities and basic services have inspired waves of protests in recent months. 

In this Cornerstone Forum series, contributors were asked to consider: Does the Pope’s visit provide an opportunity for meaningful steps to be taken? What practical steps could be taken to translate the goodwill of the Pope’s visit into tangible progress in addressing the fundamental issues impacting Iraqis of all religious communities? What roles should international NGOs, religious actors, and multi-lateral organizations take to support positive developments for a more just and flourishing society?


*This article is available in English: The Pope’s Visit to Iraq: Indicators and Outcomes

DOWNLOAD THE PDF

مثلت الايام التي زار فيها البابا فرنسيس العراق حالة استثنائية في حياة العراقيين ، اذ ولدت حالة من الفرح والغبطة والامل لم يألفه العراق منذ امد ليس بالقصير ، لكن سرعان ما عادت الامور الى طبيعتها بمجرد مغادرة الحبر الاعظم للأراضي العراقية ، حيث بعد ايام قليلة من ذلك تم رمي رمانة يدوية على الزوار الشيعة القاصدين الامام الكاظم في بغداد ، ثم تلى ذلك مقتل والد الناشط المدني علي جاسب المختطف منذ ما يقارب سنة ونصف في مدينة العمارة جنوب العراق ، تبع ذلك مقتل عائلة من 8 افراد جنوب مدينة تكريت شمال بغداد على يد افراد تنظيم داعش الارهابي

ولكن بالمقابل كيف يمكن الاستفادة من الزيارة وتحويلهما من الجانب المعنوي الرمزي الى جانب عملي يفيد العراق ويترجم المعنويات الى حقائق وبرامج على ارض الواقع ا؟ اعتقد ان هذا الامر ليس ببعيد وبالإمكان تحقيقه وان كان صعب الى حد ما ، ويمكن ان يتم ترجمة تلك الاستفادة في عدة محاور

الجانب الاساس المهم هو ان تعمل الحكومة العراقية بصورة خاصة والدولة بصورة عامة على اجراء حزمة من القرارات والمبادرات والاجراءات ، فمن الناحية القانونية الدستورية اذا كان دستور جمهورية العراق 2005 تضمن مجموعة من الحقوق والحريات العامة بصورة مميزة عن مثيلاته من دساتير دول المنطقة ، الا ان التطبيق العملي افرز حالة من عدم توفر الضمانات لكفالة ممارسة هذه الحقوق وتلك الحريات الى احد اعتبرت الكثير من المنظمات الحقوقية ان العراق (دولة غير حرة وغير ديمقراطية )، لهذا يجب ان تعمل الحكومة والبرلمان الى توفير ضمانات قانونية تكفل ممارسة تلك الحقوق ، وضمان المشاركة العادلة لكل الطوائف والاقليات بصورة فعلية في الحكم كتشريع قانون حرية التظاهر وحرية التعبير وقانون الاحزاب واعادة النظر بنظام الكوتا للاقليات والنساء في النظام الانتخابي ، والسعي لتحقيق العدالة لمن تعرضوا من العنف والاضطهاد من قبل الجماعات المسلحة ومحاكمتهم وطنيا او دوليا ، كما ينبغي ان يكون هناك اعادة نظر في قوانين الاحوال الشخصية وقانون العائلة كإعادة النظر بموضوع الزواج المدني ونظام الميراث والجنسية في العلاقات بين علاقات الاحوال الشخصية من اديان مختلفة ، خاصة ان الدستور العراقي كفل للعراقيين الحرية في مسائل احوالهم الشخصية . بالإضافة الى كفالة حقوق المراءة ومشاركتها للرجل في كل الفعاليات الانسانية والمجتمعية على قدم المساواة وهذا ما اشار اليه البابا عندما خصص جزءاً من كلمته في كنيسة الطاهرة الكبرى في قره قوش في سهل نينوى للحديث عنهنّ، وقال: “أودّ أن أشكر من عمق قلبي كلّ الأمهات والنساء في هذا البلد، النساء الشجاعات اللواتي يواصلن إعطاء الحياة بالرّغم من الانتهاكات التي يتعرّضن لها والجراحات التي تصيبهنّ. فلتحترم النساء وليمنحن الحماية! ليحظين بالاهتمام ويمنحن الفرص”.

يضاف الى ذلك يجب ان تتحول الوعود بحماية المكونات لا سيما التواجد المسيحي واليزيدي والصابئي الى قوانين واجراءات فعلية كتشريع قوانين تكفل عودة ملكية الاراضي والعقارات للنازحين ومحاسبة من قام باغتصاب عقاراتهم واملاكهم وتطبيع تواجدهم لا سيما في سهل نينوى والمناطق المحررة من داعش بصورة اجمالية .

وبنفس السياق يجب ان تكون هناك ثورة تشريعية قانونية في موضوع البيئة التجارية والاعمال الاستثمارية بدلا والانفتاح نحو استثمار حقيقي لجذب راس المال الاجنبي الطامح للاستثمار في مجال الحج والزيارة الى ا، بصورة فعالة وتشجيع الاستثمار في السياحة الدينية والاثارية في مناطق التواجد الديني مثل اور ونينوى وبابل وميسان والبصرة وغيرها .

اما من الناحية الثقافية فيجب على الحكومة العراقية ان تعمل بأسس ثابتة على تعزيز الرمزية الدينية الابراهيمية في ضمير الامة ، فرغم الاختلاف والتنافس الكبير بين الديانات الثلاثة فان هناك الكثير من المشتركات والانتماء النسبي والروحي للنبي ابراهيم الذي يمكن العمل على تشجيعه ونشره ، كما حدث في العهد الابراهيمي الذي اطلقه البابا عام 2013 وتمخض عنه وثيقة الاخوة التي وقعها مع شيخ الازهر عام 2019 ، ويمكن ترجمة هذا الرمزية عن طريق توحيد الخطاب الديني لدى رجال الدين للاديان الثلاثة، والابتعاد على منهج العزلة ورفض الاخر واستلهام وتفعيل رمزية اللقاء بين البابا والسيد السيستاني واللقاء بين ممثلي الطوائف المختلفة في الصلاة مع البابا في اور في العقل الجمعي للشعوب، والعمل على تغيير المناهج التربوية في المدارس والجامعات التي تلغي الاخر ولا تعترف به واستبدالها بتلك التي تدعو للتعايش والوحدة والمواطنة للامة العراقية . كما ينبغي الى ان تعمل الحكومة العراقية على تكوين لوبي دولي وحملة للحصول على دعم اليونسكو للأثار ودور العبادة في الموصل وبغداد واور وغيرها العشرات من المواقع الاثارية والدينية .

لا بد من الاشارة الى نقطة في غاية الاهمية يجب على المؤسسة الدينية في العراق وصناع القرار الاستفادة منها وهي ان زيارة البابا للنجف الاشرف كانت على قدر كبير من الرمزية الروحية التي يجب ان تستثمر على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي والاقليمي ، حيث ان الزيارة حملت رسالة للعالم الى ان مرجعية السيد السيستاني تمثل الاسلام المعتدل وليس الاسلام الراديكالي فهي مرجعية ولاية الامة على نفسها وليس مرجعية ولاية الفقيه التي تتماهى وتتماشى مع النظرية الثيوقراطية في الحكم وليست هي نظرية الاسلام الوهابي الاصولي ، فهناك مساحة كبيرة من القواسم المشتركة التي يمكن ان يستفاد منها الطرفين ، كمحاربة الارهاب ونبذة العنف واشاعة روح التسامح و السلام والعمل على ان تعيش كل شعوب المنطقة المضطهدة بسلام وامان وطمانينة وهذا ما اشار اليه السيد السيستاني عندما ذكر شعوب المنطقة وذكر بالخصوص الشعب الفلسطيني بالذات .

اخيرا قد يسال كيف يمكن ان تتحقق كل هذه الاجراءات وغيرها في بلد يعيش في ظل انقسامات اثنية وطائفية ويعاني من ازمة اقتصادية وينخر به الفساد في ظل غياب هوية وطنية واحدة ؟

اعتقد ان الحل يتجلى في العمل على بناء هوية وطنية جديدة للعراق تجعل منه امة متعددة المكونات والاثنيات والطوائف ، فزيارة البابا وفرت فرصة للنخب العراقية الوطنية الدينية والسياسية والاجتماعية لان توظف الزيارة لحشد راي عام اقليمي وعالمي للوقوف مع العراق والمساعدة في حل مشاكله وتعزيز الوحدة والمواطنة وتعمل على خلق هوية وطينة جديدة للبلد وفق ما يمكن ان نسميه ( مواطنة الامة العراقية ) ، وعلينا اولا ان نقدم انفسنا للعالم كامة تحترم حقوق الانسان والحقوق والحريات ومنسجمة مع العالم الحر ، وهذا الامر يتطلب اعادة تشكيل الدولة العراقية او لنقول الامة العراقية من جديد وفق اسس مواطنة جديدة وليس دولة طوائف ومكونات واثنيات بل امة تجمع كل تلك المشتركات .

فاذا كانت الديمقراطيات المعاصرة ولدت من رحم فكرة العقد الاجتماعي بين الشعب والحاكم تنازل فيها الشعب عن جزء من سلطاته للحاكم لكي يخلص الشعب من الفوضى والتناحر ، فاني ارى ان هذه الفكرة لا يمكن ان تنطبق على الشعب العراقي حاليا ، فالعقد يتطلب ان يكون كلا من الحاكم والشعب على اهلية وارادة سليمة متوازنة متكافئة حتى يبرموا هذا العقد ، والشعب اليوم بلا ارادة وفاقدة للاهلية ، فالشعب العراقي غير قادرة على ادارة شؤونه بنفسه وبالتالي لن يكون دوره حقيقي في المشاركة السياسية من انتخابات او غيرها ، اما الحاكم فهو الاخر مثلها غير ذي ارادة واهلية او هو متشبث بالسلطة ومخادع للشعب بلباس ديني او طائفي او اثني مقيت مزيف ، والغريب في الامر ان نظرة الاحزاب الدينية متوافقة مع هذه الاشكالية من حيث تدري او لا تدري ، فمن يؤمن بعلوية رجل الدين وولايته على الشعب يجعل من الحاكم يفكر عن الشعب ويقود الدولة نيابة عن الشعب وينتخب بدل الشعب ويحكم نيابة عن الشعب ويمارس المعارضة نيابة عن الشعب ، ويملك ارادة الشعب وحاضره ومستقبله ، وهذا عين الاشكالية التي طرحناها ان الشعب العراقي حاليا لا يملك الاهلية والارادة لادارة شؤون نفسه بنفسه ، بمعنى ان قيادة رجل الدين تعقد وتازم الاشكالية لا تحلها .

والحل سيكون عن طريق اعادة التوازن للعلاقة بين الشعب والحاكم ، يكون فيها للشعب القدرة على ادارة العملية السياسية في العراق من خلال مشروع دولي استراتيجي يقوده العالم الليبرالي الحر ، لكي يصل الشعب الى قيادة نفسه بنفسه والتقليص من سلطات الحاكم شيئا فشيئا ، لكي تسير وتقود الامة نفسها ، مع ترسيخ فكرة المواطنة للامة العراقية في ضمير الشعب وهذا ما نجده في شعوب كثيرة في المنطقة اذ اصبحت الشعوب هي من تحرص على تقويم عمل الحاكم ومحاسبته ان اخطئ وتحميه وتقف مساندة له ان حقق امال الامة ، كما هي تجربة الشيخ زايد في حكم الامارات ، وتجربة الشعب التركي ابان محاولة الانقلاب العسكري عام 2016 فانبرى الشعب ونزل للشارع ليدافع عن التجربة الديمقراطية من الفوضى و ليحمي تركيا الجديدة قبل حمايته لاردوغان نفسه . والكثير من دول العالم المتحضر التي اصبحت شعوبها هي صمام الامان من تحكم وفساد وخروج الحاكم عن مسار الامة قبل اي ضمانة دستورية او قانوية اخرى ، خاصة ان نظرية ولاية الامة على نفسها التي يومن بها السيد السيستاني تقترب كثيرة من هذه الفكرة وهذا مصدر قوة كبير جدا اذا ما احسن استخدامه وتوظيفه .


Ahmed Sami Al-Mamouri is Director of Research and Development at Al-Rafidain Center for Dialogue and Professor of Law and Dean of the Faculty of Law at the University of Kufa. He is Chief of the Scientific Council for the Kufa Journal of Legal and Political Sciences and Chairman of the Central Human Rights Committee at the University of Kufa. He holds a PhD in Law from the University of Baghdad.


All views and opinions presented in this essay are solely those of the author and publication on Cornerstone does not represent an endorsement or agreement from the Religious Freedom Institute or its leadership.